الثلاثاء، 6 ديسمبر 2011

في الاختيار والجبر


على ذكر أول أبيات أمل دنقل في قصيدته "كلمات سبرتاكوس الأخيرة"

المجد للشيطان معبود الرياح

من قال "لا" في وجه من قالوا "نعم"

من علم الإنسان تمزيق العدم

من قال "لا" فلم يمت وعاش روحًا أبدية الألم

فكرت في الأمر ومسألة الاختيار والجبر وهي مسألة من أكثر المسائل التي نالت دراسات وأبحاث ونظريات فلسفية.

وفي الفسلفة الإسلامية والأوساط الشعبية ولا يزال السؤال مكرورًا ومعادًا حتى يومنا هذا "هل الإنسان مسير أو مخيّر؟"

وفي خضم ذلك قارنت بين الإنسان والشيطان وكما نعرف أن الرباعي العاقل في الكون "الله، الإنسان، الشيطان، الملائكة" وبمقارنة الإنسان بالشيطان خطرت لي خاطرة وهي أن أصل الإنسان ليس قردًا أو نشوء وارتقاء من فقرة إلى فقرات على مر الزمن أو شئ من هذا القبيل بقدر ما هو "طرطور" فهو ضحية عناد إبليس مع الله، هذا التحدي الذي ألقى بالإنسان على الأرض دون أن يُستشار في ذلك. وفي الأساطير كذلك كما في الأديان عندما حاول برومثيوس تعليم البشر بفتح صندوق باندورا نال البشر وبرموثيوس عذابًا أبديًا بأن ينهش النسر قلبة كل صباح لينبت قلب آخر ويعاود النسر نهشه ... الاختيار لم يكن لأي مخلوق إلا إبليس هو من اختار واختار "الرفض" و"العناد" و"التحدي" لذا فقد اختار إبليس طريقًا آخر وإن كان عذاب سرمدي. في حين يحاول الحلاج تفسير ذلك على طريقته يقول في طاسين الأزل والالتباس:

وما كَانَ فى أھلِ السَّماءِ مُوَحِدٌ مثل إبليس ، حَيْثُ إبليس

[تَغَيَّرَ] عَلَيْهِ العين ، وھَجَرَ الأَلحاظَ فى السَّيْرِ ، وَعبدَ المعبودَ

على التَّجرِيدِ ،

ولُعِنَ حَيْنَ وَصَلَ إلى التَّفْرِيدِ ، وطُلِبَ حَيْنَ طَلَبَ بالمزِيد ، فقال

له "اُسْجُدْ – "!قال " لاغير! "

قال لَهُ "وإِن عليك لعنتى ؟

" – قال " لا غير! "مالي إلى غيرك سبيل،

وإنى مُحِبٌّ ذَليل " . . قال له "استكْبَرْتَ"

قال " لو كان لى مَعْكَ لَحْظَةٌ ، لَكَانَ يليق بِى التَكَّبر والتَّجَبُّر ،

وأنا الذَّى عَرَفْتُكَ فى الأَزَلِ " أنا خير مِنْهُ"

لأَنَّ لي قدمةً فى الخدمة ،

وليس فى الكونيْن أَعْرَفُ مِنْى بك وَلِي فيك إرادةٌ ولك فِى إرادةٌ،

إِرادتُكَ فىَّ سابقة، إِن سجدتُ لغيرِك، فإن لم أسجُد ، فلا بُدَّ لي من

الرجوع إلى الأَصْلِ ، لأنَّك خَلَقْتَنِى مِن النار، والنار ترجع إلى النار ،

ولَكَ التقدير والاختيار"



أي أن إبليس التزم بأمر "اسجد" لكنه حين أجاب بـ "لا غير" أي "لن أسجد لغيرك" فقد اختار ذلك، ويفسر الحلاج ذلك بأن ذلك غيرة من إبليس حيث يقول إبليس في كلامه مع موسى – عليه السلام –

"



التقى موسى عليه السلام وإبليس على عقبة الطور ، فقال له : يا إبليس ما منعك من السجود ؟



فقال منعني الدعوى بمعبود واحد ، ولو سجدت له لكنت مثلك ، فإنك نوديت مرةٍ واحدةٍ :



" انظر إلى الجبل " فنظرت ، ونوديت أنا ألف مرة : أن أسجد ، فما سجدت لدعواي بمعناي



فقال له : تركت الأمر ؟ قال : كان ذلك ابتلاءً لا أمراً ، فقال له : لا جرم قد غيّر صورتك



قال له يا ( موسى ) ذا وذا تلبيسٌ ، والحال لا معول عليه ، فإنه يحول ، لكن المعرفة صحيحة



كما كانت ، وما تغيّرت ، إن الشخص قد تغير .



فقال موسى : الآن تذكره ، فقال يا ( موسى ) الفكرة لا تذكر ، أنا مذكور ، وهو مذكور



ذكره ذكري وذكري ذكره هل يكون الذاكران إلا معا



خدمتي الآن أصفا ، ووقتي أخلا ، وذكري أجلا ، لأني كنت أخدم في القدم لحظي والآن أخدمه لحظه



ورفعنا الطمع عن المنع ، والدفع ، والضر ، والنفع ، أفردني أوجدني ، حيرني طردني



لئلا أختلط مع المخلصين ، مانعني عن الأغيار غيرتي ، غيرني لحيرتي ، حيرني لغربتي



حرمني لصحبتي ، قبحني لمدحتي، أحرمني لهجرتي، هجرني لمكاشفتي، كشفني لوصلتي



وصلني لقطعتي، قطعني لمنع منتي .



وحقه ما أخطأت في التدبير، ولا رددت التقدير، ولا باليت بتغيير التصوير، لي على هذه المقادير تقدير



إن عذبني بناره أبد الأبد، ما سجدت لأحد، ولا أذل لشخص وجسد، ولا أعرف ضداً ولا ولداً



دعواي دعوى الصادقين، وأنا في الحب من الصادقين . (يتبع وينقح).

ليست هناك تعليقات: