الأحد، 16 ديسمبر 2012

صبّـار الفاشية

الصورة من تصويري، الذكرى الأولى لأحداث محمد محمود 19/11
في عالم من الشعارات الشكلانية تمثل فيه اللحية الخفيفة "وسطية" (مُدّعاة) واللحية الطويلة "تطرف" وبدون لحية "علماني" أو "واجهة وسطية تخفي مشروعًا قندهاريًا) نحن في أجواء غرائبية وفاصل تاريخي كوميدي أشبه بقصة جوناثان سويفت الأشهر "رحلات جاليفر" التي يتخاصم فيها قومٌ يكسرون البيضة من طرفها الأصغر مع آخرين يكسرونها من طرفها الأكبر وهؤلاء الذين يلبسون الكعوب العالية والذين يلبسون الكعوب المنخفضة وفي الفيلم العربي "فوزية البرجوازية" تشتعل أزمة انقسام مجتمعي بين "الأبيض والأحمر" "الكتلة الشرقية والكتلة الغربية" "أتباع الكرملين وأتباع البيت الأبيض" "الأهلي والزمالك" "الشيوعيين الماركسيين اليساريين" و"الإمبراليين الرجعيين"، كوميديا سوداء لم تغب عن المشهد العربي بعد الثورات العربية وفجاجة المشهد واختلاطه فمن ثورات عسكرية "علمانية شكليًا" تدّعي القومية شاخت وأصابها الترهل وانكشفت أمام الجماهير "المستكينة" خرج شباب يحلمون بالخلاص إذ بهم يواجهون بسيل من الجهل الشعبي "كان مستكينًا خانعًا فأصبح عبئًا سلبيًا على الطليعة الشبابية والثورية" لنُختطف ونُجَر إلى ربيع الذقون الذي يمارس الفاشية الدينية هذه المرة (كأننا قمنا بثورات لنرجع إلى عصر المماليك والعثمانيين)، وبذلك يغيب عن صدارة المشهد، أنصار العقل والإنسانية ، أنصار الثورة الحقيقيين وطليعتها، أنصار الحركات الوطنية الأصيلة التي بحثت عبر تاريخها عن استقلالية القرار الوطني وانعدام التبعية والتحرر من قيود الديكتاتورية والجهل والفقر والتشوّه الحضاري. ستستمر الفاشية لكنها لن تظل طويلا في المشهد فالذي ساعد الفاشية العسكرية الأمنية على البقاء طوال 60 عامًا هو ضعف وسائل الاتصال وضعف المعلومات وتشوهها في ظل تحكم الدولة في وسائل المعلومات والإعلام (إذاعة وراديو وفضائيات مدجّنة)، وبذلك مع توسع انتشار القاعدة المعلوماتية والإنترنت فإن الفاشية المتسترة بقناع الدين ستتهاوى سريعًا مع بزوغ مشكلات مزمنة كالفقـر وزيادة الأسعار التي لن تجدي معها الصلاة أمام الكاميرات والضحك على الجماهير التي ستمل فقرات السيرك المتأسلم، لنتخلص للأبد من الرجعيين وأزلامهم في المنطقة بأسرها، أبشري يا مصر يا تونس يا يمن يا ليبيا فـفجر الإنسانية والعطاء والمحبة قادم لقد ذقنا الشهد الثوري التحرري الوطني ولن نرضى بصبار الفاشيين بعد اليوم.