الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009

صالون ولّا فَرش


عبد المنعم... الأب حلاق، والجد حلاق والنشاط كَسَلنجي إلا في الأذان. كنت صغيراً أذهب مع أبي للمسجد، وعبد المنعم يؤذن بتقعر ويتكلم بالفصحى غالبا،ً مثل أخته سلمي – هكذا سمعتها حين كانت تزورنا! بعد الصلاة أسمعهم يتحاورون. ما أذكره من كلام عبد المنعم آيتين:
"وهزي إليكِ بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً" التي كان يتبعها بقوله "سبحان الله كان من الممكن أن ينزل عليها الله مائدة من السماء لكن قال لها – يقصد السيدة مريم— "هزي إليك بجذع النخلة"، أما الآية الثانية كانت "فتبسم ضاحِكاً من قولها" طالما رددهما أمامي. ولما سألت أبي عما كان يقصده عبد المنعم قال لي انه كان يسخر من الدعاوي التي يقيمها أهله عليه شاكين للناس من عدم نزوع عبد المنعم إلي العمل ومرور العمر عله دون أن يفتح صالون أو أن يفرش خيمةً في السوق للحلاقة لكي يقوم بتكاليف الزواج الذي تأخر!!! وأن الله لم يأمر بالكسل وأخيك العامل أفضل منك وخِلافه!!! وأنه لا يمكن الاعتماد علي معاش سلمي المسكينة!! وبعد فترة علمت أنه تعين في الأوقاف مقيماً للشعائر، وحين أقدم علي الزواج – كان في الثامنة والثلاثين وقتها – مال عليّ وقال "أريدك معنا يا أستاذنا كي نتشرف بك أمام أهل العروسة"!
قفز احد الحاضرين "والعروسة كوافيره ولا رجالي"! اكتفي عبد المنعم بالابتسامة ولم يرد، لأنه لا يستطيع وهو من سليل أناس اشتعلوا بمهنة ينظر إليها الناس ها هنا بازدراء، أن يرد. قررت أن أذهب مع عبد المنعم وأهله بعد مُوشَح من دروس التواضع وغَيرُه من أبي. وفي جلسة الخطوبة وأثناء الكلام نظرت إلي امرأة عجوز وقالت "وانت مَعاك صالون ولّا بِتُفْرُش في السوق"!!


محمد عبد العليم سرحان १२/2009

ليست هناك تعليقات: