الثلاثاء، 1 مارس 2011

مختارات

                                                        
‏أريد أن أجد مبررًا واحدًا كي أعيش وأتحمل المشهد اليومي المقيت لهذا المرض والبشاعة والظلم والموت. ومرة أخرى أنطلق من نقطة مظلمة، من الرحم، وأنطلق الآن إلى نقطة مظلمة أخرى، القبر. تقذفني قوه من الحفرة المظلمة لتجرني قوة أخرى وتقذفني بشكل نهائي إلى الحفرة المظلمة. ‏لست كالرجل المحكوم الذي مات ذهنه من الشراب. حجر ثابت برأس صاح، أخطو في ممر ضيق بين جرفين.


‏وأجهد كي أكتشف كيف أشير للذين يرافقونني قبل أن أموت، كيف أمد يدًا وأهجي لهم، في الوقت المناسب، كلمة واحده كاملة على الأقل، لأخبرهم رأيي بهذا الموكب، وإلى أين نشجه. وكم هو ضروري، بالنسبة إلينا جميعا، أن تكون أقدامنا وقلوبنا منسجمة. ‏أن أقول في الوقت المناسب كلمة واحده لرفاقي، كلمة سر، كالمتآمرين.

‏نعم، إن هدف الأرض ليس الحياة، وليس الإنسان. عاشت الأرض دون هذين، وستعيش بدونهما. إنهما ليس إلا الشرارتين العابرتين لدورانها العنيف. ‏لنتحد، لنمسك بعضنا بعضا بشدة، لنوحد قلوبنا، لنخلق - طالما أن دف ء هذه الأرض يتحمل، طالما أنه ليست هناك زلازل وطوفانات وجبال جليد ونيازك تأتي لتدمرنا - لنخلق للأرض دماغاً وقلبا ونمنح معنى إنسانيا للصراع السوبرماني. ‏إن الألم هو واجبنا الثاني.
                                                                      (نيكوس كازانتزاكيس)
             ***
 
"عندما تنتهي العاصفة ويحلّ الليل ويظهرالقمر بكل بهائه، ولا تتبقى سوى ايقاعات البحر وامواجه تضرب في سمعك، تعرف ماذا اراد الله بالجنس البشري وتعرف ماهية الفردوس"
                                                                      ( هارولد بنتر)
 
     ***
تغني، حاصدة القمح المسكينة،


تظن نفسها سعيدة، ربما؛

تغني، وتحصد القمح، وصوتها، مليء

بترملّ مجهول وسعيد،

تتأرجح مثل نشيد عصفور

في الهواء الأنظف من عتبة.

كم من انحناءات في اللُحْمَةِ الناعمة

للصوت الذي تنسجه في نشيدها!

سماعها، يجعلنا سعداء، حزانى،

مرّ العمل والحقول في صوتها،

وتغني كما لكي تغني، كما لو أنها

تملك أسباباً أخرى غير الحياة.

آه، غنّي، غنّي بدون سبب!

تستولي الفكرة على أحاسيسي.

تعالي وانشري في قلبي

صوتك الحائر، المتموج!

آه! لو يمكنني أن أكونك، وأبقى أنا نفسي!

لو أملك لا وعيك السعيد

ووعي ذلك! أيتها الأغنية!

أيتها الحقول! أيتها السماء! العِلمُ

يزن كثيراً والحياة قصيرة جداً!

اجتاحيني! بدّلي

روحي بطيفك الخفيف،

ومن ثم، حين تحملينني، أمضي! 
                                                                           (فرناندو بيسوا)
***
*إلى مومس من عامة الناس*
 
كوني رابطة الجأش، مطمئنة، أنا والت ويتمان، متحرّر وشهواني
 
مثل الطبيعة.
 
ليس حتى تحتجب عنكِ الشمس، كيما أحتجب أنا عنكِ،
 
ليس حتى تأبى أن تتلألأ لكِ المياه
 
وتخشخش لكِ الأوراق،
 
كيما تأبى أن تتلألأ وتخشخش لكِ كلماتي.
 
يا فتاتي، ضربت معكِ موعداً،
 
وأوصيكِ
أن تتأهبّي، كيما تكوني جديرة بلقائي.
وأوصيكِ
 
أن تكوني طويلة الأناة، وفي أوج زهوكِ حتى أجيء.
 
وإلى ذلك الحين،
 
أحييكِ بنظرة جارحة كي لا تنسيني.     

(والت ويتمان)

                                                                       ***
*مستلقياَ ورأسي في حجركَ أيها الرفيق
مستلقياً ورأسي في حجرك أيها الرفيق،
 
الإعتراف الذي سبق وأدليت به أعود فأكرره؛
 
ما سبق وقلته لكَ على الملأ أعود وأكرره:
 
أعلم أني شديد القلق، وأحمل الآخرين على ذلك،
 
أعلم أن كلماتي أسلحة، معبأة خطراً، معبأة موتاً.
 
(حقاً لأني أنا نفسي الجندي الحقيقي،
 
وليس ذاك الذي هناك بحربته،
وليس أتحدى السلام والأمن وكل القوانين الراسخة
 
كيما أزعزعها.
أنا أكثر عزماً وخصوصاً أنّ الجميع أنكرني
 
بما يفوق ما كان ممكناً فيما لو كنت مقبولاً لديهم.
 
أنا لا أبالي، ولم أبالِ قط، بأي تجربة، بمبدأ أخذ الحيطة والحذر،
 
بصوتِ الغالبية، ولا بكل هذا الهراء.
 
والتهديد المُسمّى الجحيم تافه أو نكرة بالنسبة إليّ،
 
والإغواء المُسمّى الجنة تافه أو نكرة بالنسبة إليّ.
 
يا رفيقي العزيز،
 
أنا أعترف بأني حرضتكَ على المضي معي إلى الأمام،
 
ومازلت أحرضكَ من دون أدنى فكرة عن مآلنا،
 
أو ما إذا كان علينا أن نكون ظافرَيْن،
 
أو خاضعَيْن تماماً ومنهزمَيْن.     
           
(والت ويتمان)
 
 
المصدر: المسيرة الإلكتروني، مجلة أوغاريت




 

ليست هناك تعليقات: