الاثنين، 31 أغسطس 2020

شبيحة الدعوة والتحرش

 

بعد كل حادثة تحرش أو اغتصاب وآخرها "حادثة فيرمونت" حيث اعتدى مجموعة من الشبان على شابة داخل فندق فيرمونت، وألقت النيابة عليهم بعد تقديم بلاغات وافتضاح أمر المتحرشين، تنطلق حملات لمكافحة التحرش يطلقها مواطنون على الإنترنت للقبض على المتحرشين الذين يطلقون عيونهم وألسنتهم وأياديهم على سيدات مصر وفتياتها. وفيما يدافع المواطنون عن حق السيدات في المشي والتنقل والتمتع بنعمة الأمن والأمان بعد أيام عصيبة تلت أحداث يناير 2011، يخرج علينا دعاة جدد - فيهم من عرفناه بعضلاته ومناظراته وفيهم من ورث الدعوة عن أبيه وفيهم من جرب كل شيء ففشل فلجأ إلى طريق الدعوة بالبوست واللايف وكتب العلوم الزائفة المختلطة بالتدين المغشوش – يخرج علينا هؤلاء ليلقوا اللوم على الضحايا على السيدات أو الفتيات الصغار وملابسهن. ولا أعرف حقيقة هل يقولون من منظورهم الديني أم منظورهم الاجتماعي. فالثابت دينيا أن ]قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِم[ سورة النور آية 30 و" العين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش" و""لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له" حديث نبوي رواه الطبراني والبيهقي، فعن أي دين يتحدث هؤلاء؟! والثابت أخلاقيا واجتماعيا أن يحترم الرجال السيدات من حوله في أقواله وأفعاله في المواصلات والمكاتب والشوارع. إن تلفظ أحدٌ بلفظ خادش وكان على مرمى السمع سيدات، نهره الجميع أن يكف عن ذلك من أجل "الستات اللي معانا" هذا منطق العيب ومنطق الحارة والشارع المصري، منطق الجدعنة والمروءة التي لا يخلو منها شارع ولا تنقطع جيلا بعد جيل.

إن دفاع هؤلاء الدعاة المودرن - ومن يدافع عنهم ويتابعهم - عن تصرفات المتحرشين، وهي قلة نعترف بوجودها، وإصرارهم على لي عنق النصوص الدينية والأثر من أجل إطلاق البذاءة والسباب ونهش لحوم الآخرين بحجة الأخلاق والفضيلة، أي فضيلة تلك في شتم الآخرين والتشنيع عليهم وتكفيرهم لمجرد رفض إعطاء حجة دينية لمن يتحرش؟!

وحين يتلقى هؤلاء الدعاة الهجوم يقولون نحن لا ندافع عن المتحرش بل نحن ندافع عن زي المرأة المحتشم. فأي زي ارتداه عشرات الأطفال – من البنين والبنات - أغرى المتحرشون بالاعتداء عليهم وأي زي ارتداه المطرب "ت. ي." حين تحرش به طبيب الأسنان؟! ففي بلاد الدنيا ببما في ذلك بلاد عربية يسكنها متطرفون ينادون بالخلافة والشرعية ويزايدون علينا - ترتدي السيدات العربيات والأجنبيات ما يرتدين من ملابس لا ترتديها المصريات في غرف نومهن فلا يتحرش بهن أحد خوفا من عصا الشرطي والقانون الثقيلة.

ولا تنقصنا في في مصر القوانين ولكننا نحتاج إلى إنفاذ أسرع للقانون حتى يمتنع المتحرش عن فعلته. ولسنا في انتظار فتاوى من هؤلاء الغلمان الجدد كي ندافع عن سيداتنا وحريتهن في التنقل والحركة. يكفي الحياة أتعابها ومشاقها، لا ينبغي التضييق على الناس حتى في الفسح البسيطة التي يشتمون فيها النسيم خارج البيوت والمطابخ.

ففي قرار رئيس الجمهورية الصادر 2014بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937

"يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأى وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية"

أما في المادة الثانية فـ

"يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها فى المادة 306 مكررا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجانى بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين."

 

هذا هو علاج المسألة إنفاذ سريع للقانون يحمي السيدات من التحرش. نعرف أن الدولة ممثلة في جهات إنفاذ القانون تسعى بكل قوتها إلى سرعة التحرك في مثل هذه الأمور وغيرها ولا تخر جهدًا إلا أننا نشد على أيديهم وندعو لهم بالثبات والتوفيق فنحن جميعا ننعم بالأمن بفضلهم.

 

أما غلمان الدعوة ومسلكهم الحالي فهم يصدون عن سبيل الله ويدفعون الشباب إلى مزيد من الإلحاد والبعد عن الدين فلسان الشباب يقول "إن كان هذا هو الدين، فالأفضل ألا ننتمي إليه".

 

أيها السادة نحن نحتاج إلى فكر ديني يدافع عن الناس وحرياتهم ويلفظ أي نصوص تنافي الإنسانية والأخلاق في الكتب الصفراء التي دخلها ما دخلها من غبار القرون ووضع الواضعين وتلفيق الملفقين.

 

إن بقاء الدين بين الناس مرهون بتجدده وتبنيه لما هو أخلاقي وإنساني ونبذ ما خلا ذلك لأنه كفيل بأن يهدم أمتن الأديان والعقائد من داخلها في عصر بوسع أي فتى صغير أن يتوصل لأي معلومة باللمس على جهازه المحمول ولا يغرنكم أن يقال أمة المليار ونصف، فالأهم هو ما تعتنق هذه الأعداد لا ما هو مدون في بطاقة الهوية. فالحذر الحذر!

ليست هناك تعليقات: