الاثنين، 11 ديسمبر 2017

الميت المبتهج شارل بودلير

منذ أسابيع اكتشفت قصيدة بديعة هي الأروع في نظري لشاعري المفضل شارل بودلير
القصيدة باسم "الميت المبتهج" أو "Le Mort joyeux" قمت بتعديل ترجمتها من الفرنسية بعد اطلاعي على الأصل الفرنسي وترجمات إنجليزية وعربية لها، ليكون شكلها الحالي كما يلي:

الميت المبتهج - شارل بودلير

****
فى أرض زلقة مليئة بالقواقع
أريد أن أحفر لنفسي لحدًا عميقًا
حيث يمكننى عندما أشاء
أن أضع عظامى الهرمة
وأغط فى النسيان كقرش يتخبطه الموج
أنا أكره الوصايا ....وأكره القبور
وبدلًا من استجداء دمعة من هذا العالم
وأنا حى ..أُفضل أن أدعو الغربان
لتدمى كل أطراف جسدي النجس
أيتها الديدان يا رفاقاً سود بلا أذن ٌ ولا عيون
أنظرن شاهدن يُقدم إليكم ميت حر سعيد
أيتها الفيلسوفات الماجنات، يا بنات العفونة
عبر خرابى توغلن بلا تأنيب ضمير
وقلن لى أهناك عذاب آخر ينتظر هذا الجسد الهرم
فاقد الروح، ميت بين موتى؟!
--
الأصل الفرنسي للترجمة:

Le Mort joyeux
Dans une terre grasse et pleine d'escargots
Je veux creuser moi-même une fosse profonde,
Où je puisse à loisir étaler mes vieux os
Et dormir dans l'oubli comme un requin dans l'onde.
Je hais les testaments et je hais les tombeaux;
Plutôt que d'implorer une larme du monde,
Vivant, j'aimerais mieux inviter les corbeaux
À saigner tous les bouts de ma carcasse immonde.
Ô vers! noirs compagnons sans oreille et sans yeux,
Voyez venir à vous un mort libre et joyeux;
Philosophes viveurs, fils de la pourriture,
À travers ma ruine allez donc sans remords,
Et dites-moi s'il est encor quelque torture
Pour ce vieux corps sans âme et mort parmi les morts!

Charles Baudelaire

الحضارة المصرية VS الديانات الإبراهيمية

في مقابل حضارة الفرعون المتقدمة علمًا وفنًا وبناءً، وجد اليهود البدو الأذلاء - خدم الفرعون - في أنفسهم ضغينة لا يمحوها الزمن لذا بدلًا من سردية الجدران والنقش المنحوت رسومًا وحروفًا التي تؤرخ للفرعون تلو الآخر، جاءت سردية الألواح والوصايا العشر وبناء أسطورة غيبية مقابلة لسردية أسطورة الفرعون رمز الإله على الأرض ابن آمون ابن رع ابن إيزيس المزدهر ألوانًا وخيلاء وبناءً أخلاقيًا ووصايا حكماء مصر الأوائل الذين درسوا الطبيعة وضرسوها كيمياءً وفيزياءً وجغرافيا وتاريخ وتجريبًا.
قد يكون كل ما نحن فيه هو سردية حضارية مقابل سردية ميتافيزيقية وضعها بدو فلسطين الرحل المهاجرين إلى مصر أخذها عنهم من جاء بعدهم مع تعديلٍ في البطل

عن أدوات التيار العلماني في مواجهة التيار الإسلامي في مصر - 1

ينقسم التيار الديني الإسلامي الرئيسي - في مصر وغيرها من الدول التي يدين أغلب سكانها بالدين الإسلامي - إلى ثلاث جهات رئيسية هي الإخوان المسلمين والسلفيين والمؤسسات الرسمية الدينية المرتبطة بالدولة. تتصارع تلك الجهات فيما بينها للحصول على أكبر قدر من العامة في ركابها. يتخذ هذا الصراع -  إن جازت التسمية - قطاع عرضي وقطاع طولي. بمعنى أن الجهتين الأوليين تسعيان إلى اختراق المؤسسات الرسمية رغبة في تشكيل المحسوبين على المؤسسة الرسمية الدينية - الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف في الحالة المصرية - حسب أفكارهما وتوجهاتهما وأهدافهما هذا هو القطاع العرضي. أما القطاع الطولي فهو رغبة الجهات الثلاث في اجتذاب أكبر قدر من المتأثرين في الشارع المسلم من غير المنتمين أصلاً لأي من الجهات.
أما التيار العلماني - إن جازت لنا التسمية - فهو يخشى التصريح بمفرادته الأصيلة خوفًا من الجهات الثلاث. رأينا في الانتخابات والأحداث التي تلت 25 يناير 2011 وتنحي الرئيس مبارك أن التيار العلماني يستخدم كلمة "مدنية". فكلمة العلمانية في حد ذاتها قد نالت في الإعلام الرسمي والخاص هجومًا مسبقًا واتهامات جاهزة.

 الأزهر
تنفق الجهات التابعة للمؤسسات الدينية الرسمية وعلى رأسها الأزهر على تابعيها ومؤسساتها بفضل الميزانية الكبيرة 7 - 9 مليار جنيه سنويًا إلى جانب المنح والتبرعات من الدول الإسلامية. أتاح هذا للأزهر التوسع في التعليم الأزهري الذي يدرس فيه الطلاب علوم الفقه الإسلامي والشريعة والحديث وغيرها، ويحفظ الطلاب في مقرارتهم أجزاء من القرآن بحيث يكون الطالب حافظًا للقرآن كاملًا عند المرحلة الجامعية. واعتمد الأزهر، منذ دخول الكليات العلمية إلى مقرراته في ستينيات القرن الماضي، سياسة التوسع في المعاهد الأزهرية وفروع جامعة الأزهر في المحافظات المختلفة إلى جانب مساهمات أهلية في إنشاء المعاهد الأزهرية التي تجتذب الطلبة بتخفيض كبير في مصروفاتها ودعم مادي للطلبة وإن كان بسيطًا إلا أنه لأسر كثيرة فقيرة دعم ورفع لبعض الأعباء. من الأمور الأخرى التي يجب الإشارة إليها هو أن الطالب الأزهري المتوسط يمكنه بأي مجموع في الثانوية الأزهرية التوجه إلى كليات وجامعات ومعاهد الأزهر العليا التابعة لجامعة الأزهر ومؤخرًا يمكنه أيضًا الانضمام إلى معاهد التعليم العالي الحكومي والخاص.
وحتى إن كان هذا المد الطولي للتعليم الأزهري والنفوذ الأزهري يشهد تقلصًا

حيث رصدت وزارة التربية والتعليم فى إحصائية لها أن عدد الطلاب الذين انتقلوا من اﻷزهر إلى التعليم العام وصل إلى 70 ألف طالب خلال عام 2015-2016 إلا أن عدد المنخرطين في التعليم الأزهري في العام 2017 بلغ 2 مليون طالب وهو رقم كبير للغاية في مستوى تعليمي معروف لدى المصريين بأنه منخفض حيث بلغت نسب نجاح طلاب الثانوية اﻷزهرية العام قبل الماضى -2015 - إلى 28 %.

وبعيدًا عن التعليم وهو مصدر النفوذ الأقوى لشيخ الأزهر - رأس هذه المؤسسة - فإن نشاط شيخ الأزهر أحمد الطيب يلمح إلى أن للرجل شخصية مختلفة عن سابقه محمد سيد طنطاوي. ففي العام 2010 قدم أحمد الطيب للرئيس مبارك استقالته من الحزب الوطني الديموقراطي. وجدير بالذكر أن أحد ممثلي تيار العقل - العلمانية - الشاعر والكاتب أحمد عبد المعطي حجازي قد امتدح هذه الاستقالة واعتبرها بداية لفصل الدين عن الدولة وقال عنها: "وهذا هو الدرس الذي لابد أن يكون الدكتور أحمد الطيب قد تعلمه في جامعة السوربون. أن الحياة الدنيوية لاتستقر علي حال واحد, ولا تنحبس داخل اطار مغلق, وإنما هي تيار متدفق يتحول ويتغير علي الدوام, فلا يمكن اخضاعها للمطلقات التي لابد منها في الحياة الدينية. واذا كان الوحي هو طريقنا لمعرفة الدين, فالعقل هو طريقنا لمعرفة الدنيا. والفصل إذن بين الدين والدولة مبدأ من المبادئ التي عرفها الدكتور أحمد الطيب في فرنسا عن قرب, ولمس دورها الفعال في توطيد أركان الحياة الديمقراطية, وتحرير العقل, وبناء مستقبل أفضل. ومن هنا رأي ألا يجمع بين مشيخة الأزهر وعضوية المكتب السياسي للحزب الوطني. لأن النشاط الديني يجب أن يبرأ من أي تفسير سياسي او حزبي. ولأن النشاط السياسي او الحزبي يجب أن يكون اجتهادا ديمقراطيا مفتوحا للجميع, وليس املاء من سلطة او جهة تزعم أنها تتحدث باسم الله!". انتهى كلام حجازي. ورأي الشخصي في شيخ الأزهر أن الرجل محافظ متدين يعرف عنه الالتزام الديني والكرم حيث ورث الرجل الثري عن والده الكثير ويلتزم خلال زياراته بمظاهر الكرم البالغ لزواره وهو وريث الطريقة الأحمدية الخلوتية عن والده. فالرجل مالكي صوفي كانت رسالة الدكتوراه في جامعة السوربون بباريس عن محي الدين ابن عربي الصوفي الشهير، وهو أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر سابقًا يرى أن "النقاب ليس فريضة لكنه مباح وأن الحجاب فرض". لكننا نعرف أن نشأة الرجل في جنوب مصر ومحيطه العائلي ودراسته ورسالاته الجامعية وكتبه وتصريحاته الرسمية وواجباته التي يفرضها المنصب الكبير فهو "إمام المسلمين" والمفتي السابق - كلها عوامل أثرت في شخصيته ولا بد أن المناصب والوضع الاجتماعي قد أكسباه سياسة وفنًا في التعامل والإمساك بالعصا من المنتصف فهو يقول في فض المعتصمين في إشارة رابعة العدوية من الإخوان وأنصارهم بعد خلع مرسي: "إن الأزهر يؤكد دائما على حرمة الدماء وعظم مسؤوليتها أمام الله والوطن والتاريخ، ويعلن الأزهر أسفه لوقوع عدد من الضحايا صباح اليوم، ويحذر من استخدام العنف وإراقة الدماء". هذا رجل لا يريد أن يغضب الشارع الديني الذي يشكل المتعاطفون مع الإخوان جزءًا كبيرًا إلا أن الرجل يرفض تكفير داعش ويدافع عن محمد عمارة - رئيس مجلة الأزهر وحسن الشافعي - رئيس مجمع اللغة العربية - المنتميان فكرًا إلى جماعة الإخوان والذين أصدرا تصريحات مضادة لما حدث في 30 يونيو. نفهم الآن أن الإخوان قد اخترقوا الأزهر والرجال الملتفون حول شيخ الأزهر قلوبهم معلقة بفكر الإخوان بل أن الشيخ نفسه 

أشاد بالقيادي الإخواني الراحل سيد قطب، في كتاب جديد بعنوان "التراث والتجديد مناقشات وردود"، نشر في مجلة الأزهر بتاريخ 24 يناير 2015.

وقال شيخ الأزهر نصًا: "قُلْ مثل ذلك عن الأستاذ سيد قطب وكتبه التي ألفها ليصور عدالة الإسلام الاجتماعية التي تقف دونها الأنظمة الاقتصادية والاجتماعية في الشيوعية والاشتراكية والرأسمالية".

وتحدث الطيب في مقدمة كتابه الجديد عن مساوئ النظام الاشتراكي الذي تبنته مصر في ستينيات القرن الماضي، موضحا أن الأزهر في مصر الاشتراكية كان يُعاني من التضييق ومن سلب الاختصاصات, ومن سجنه في زاوية العبادات فقط, وحرمانه من جماهيره ومحبيه ومريديه من المصريين ومن المسلمين عامة. وقال أن النظام المصري في عصر عبد الناصر أتاح كتب الشيوعية بقروش قليلة للغاية للجميع.

وتابع: "نحنُ نعتقد أن إقصاء الأزهر في ذلك الوقت سياسيّا واجتماعيا وشعبيا, لم يكن - بكل تأكيد - أمرًا سهلاً على نفوس المسؤولين المصريين أنفسِهم, ولكنَّه كان- في أغلب الظن- أشبه بما يسمى الآن بالمواءمة التي تفرضها ضرورات التحوّل السياسي والاقتصادي, وما تقتضيه ظروف التحول من غض للطرف عن اللوازم الفلسفية والأيديولوجية لهذا المذهب أو ذاك".

وأضاف: "هكذا عشنا نحن طلاب الأزهر في هذه الحقبة, تهب علينا الرياح الثقافيّة العاتية من شرق أوروبا وغربها, وكنا بين طريقين: إما فتح النوافذ لهذه الرياح ومعاناة الاغتراب, وإما الانغلاق في مقررات التراث ومعاناة الاغتراب كذلك، ولم ينقذنا من هذا الصراع إلا هذه النخبة من عظماء مفكري مصر, الذين صمدوا لهذا الفكر الوافد من شرق ومن غرب, وكشفوا عن كثير من عوراته ونقائصه ونقائضه أيضًا, وبينوا للتائهين من القراء والشباب مواطن الضعف والتهافت في هذه المذاهب, وكيف أنها «مذاهب هدامة». وذكر الطيب من هؤلاء المفكرين؛ عباس العقاد ومحمد البهي والشيخ محمد الغزالي وسيد قطب والسيد محمد باقر الصدر بالعراق". الرجل يرى لا عيب في الإخوان سوى تشددهم قليلًا".
وفي موقف أخير حينما طالب الرئيس السيسي علنًا من شيخ الأزهر دعمه في ألا يكون وقوع الطلاق إلا رسميًا أمام المأذون لا طلاقًا شفهيًا لأن لم يبد الرجل ليونة وخرج ببيان هيئة كبار العلماء - الهيئة التي شكلت في 2012 باعتماد من الرئيس الأسبق محمد مرسي والتي يغلب عليها الطابع الإخوان فمحمد عمارة وحسن الشافعي المذكوران أعلاه من أعضاءه والذي جاء برد مفحم ومحرج للرئيس السيسي رغم وجاهة رأيه وحديثه ومنطقه حين طالب شيخ الأزهر مداعبًا له أمام جمع رسمي كبير. خلاصة الأمر الرجل يعرف أن يذهب التيار الرئيسي للشارع ويحاول ألا يخالفه بكل ما أوتي لأن ذلك من شأنه إضفاء جماهيرية شعبية له لا يمتلك الجرأة ولا الرغبة أصلا في معارضة الدين الشعبي الموروث عن فقهاء القرون الأولى حتى لو كلفه ذلك الصدام مع رئيس الجمهورية. وما يهمه في ذلك فالرجل منصبه محصّن ضد التغيير وهو سلطة ذاته ومنتخب من داخل الأزهر لا يجوز تغييره حتى وفاته، كانت تلك الصلاحيات إلى جانب تشكيل هيئة كبار العلماء من الأمور التي رسخت منذ الدستور الإخواني السلفي حتى بعد تغييره.
مفاتيح الإمام أحمد الطيب هي:
1. السعودية - لأنها المساهم الأكبر في التبرعات والمنح للأزهر وشيخه وكبار علمائه - ولما لها من مهابة في قلوب المسلمين لأن مكة والمدينة هما الأرض التي عاش عليها النبي محمد وهي المغدق الأكبر على بناء المساجد ونشر الإسلام ومذهب المملكة في بقاع العالم الإسلامي إلى جانب نفوذها الإعلامي والمالي الكبيرين. وهذا ما تشير إلى رسالة سربها موقع ويكليكس ضمن 70 ألف رسالة مسربة عن الخارجية السعودية. فشيخ الأزهر يستشير السعودية في الحوار بين المذاهب والمقصود هو المذهب الشيعي الذي تتخوف السعودية من نفوذ إيران داخل الدول الإسلامية بانتشار المذهب. التسريب الذي لم ينكره الأزهر.
موقف آخر يشير إلى أن السعودية هي أحد مفاتيح شيخ الأزهر الحالي أحمد الطيب: هو مؤتمر جوزني لأهل السنة الذي استبعد السعودية من أهل السنة فبعد مشاركة شيخ الأزهر في المؤتمر قال أن المشاركة ليس المقصود بها استبعاد السلفيين وأنه غير مسؤول عن البيان الختامي للمؤتمر. لذا فإن شيخ الأزهر يتجنب أي مظاهر لعداء الإخوان لأنهم ضمن هيئة كبار العلماء ويسيطرون على قطاع عريض في الشارع الديني ويتجنب أيضًا أي مظاهر لعداء السلفيين - وكلاء السعودية والمذهب الوهابي الحنبلي في مصر - حتى وإن أدى ذلك إلى رفضه تكفير داعش - النسخة الأصيلة من السلفية والوهابية والحنبلية عمومًا - التي أحرقت البشر وسبت النساء واعتدت على الأرواح والممتلكات وكفرت الجميع.
2. منصب شيخ الأزهر نفسه: تفرض المناصب على الإنسان ميلًا إلى تعزيز المنصب وإضفاء المهابة حوله. فالأزهر هو المؤسسة الأكبر في العالم الإسلامي رغم أن السعودية هي أرض ومنشأ الإسلام. لذلك لن يضحي الرجل بسمعته وسط الشارع الديني خوفًا من أي جهات عليا فمنصبه محصّن وسلطته معززة ومكانته في نفوس المسلمين متأصلة حتى وإن حاول السلفيون والإخوان التقليل من شأن الأزهر وإظهار شيخه ومؤسساته في صورة المتهاون في الدين المنصاع للسلطة. لأنهم في الأساس في حوض المنافسة ذاته وهو التأثير على القطاع العام والتيار الرئيسي في الشارع المسلم. وتغلب على أصحاب المناصب الميل إلى تفادي المنزلقات الخطرة وتوخي السلامة في المعتاد من أمر الناس والجنوح إلى القديم والمعتاد فسطوة التدين الشعبي والتيارات التي أثرت على منابر الدعوة ومنافذها المختلفة تمنع صاحب المنصب عن إحداث أي تغيير ملحوظ في مفهوم المؤسسة الدينية لدى العامة. لذا لن يتمكن الرجل - حتى وإن توفرت الرغبة - من التغيير في تلك الأمور والخروج من القديم والمعتاد، طالما أن سلطته محصّنة.







الجمعة، 16 ديسمبر 2016

في مسألة إسلام البحيري

في مسألة إسلام البحيري:
الفكرة في موضوع إسلام إنه بيشتغل بآلية تنقية التراث وهو جهد مطلوب ولا يصح تكفيره أو الاستهانة بجهده رغم أن كلامه ليس جديدا إلا أن الإشادة بمجهوداته أو عدم التقليل منها أو الاستهزاء بها من واجبات أي مهتم ومؤيد لعلمانية الدولة... هاضرب مثال لاستراتيجية إسلام من تصوري لمشاهدات قديمة لاجزاء من حلقاته....
هو بيقول هل الأحاديث زي دي: لا تبدئوا اليهود والنصاري بالسلام 
https://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=127032
وده " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك ، عصموا مني دماءهم وأموالهم ، إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى رواه البخاري ومسلم "
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=81&ID=37
وده "بعثت بين يدي الساعة مع السيف ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري"
http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?idfrom=5302&idto=5303&bk_no=52&ID=1860
أحاديث صحيحة 100%  وبالتالي إحنا دينا كده ورسولنا كده فعلا... بيقتل المخالف في الدين ومأمور إنه يعمل مده ويتحرش بغير المؤمنين إلم يقتلهم وإزاي فيه غير مؤمنين يتحرش بيهم ويضيق عليهم أصلا إذا أمر إنه بقاتلهم ويقتلهم ... 
ولا دي مش أحاديث صحيح والبخاري فيه أحاديث مش صحيحة وبالتالي دينا أحسن من كده وهو دين "رحمة للعالمين" ولكم دينكم ولي دين .. إلخ

إسلام من النوع اللي بيقول لأ البخاري ومسلم وكتب الصحاح دي ملهاش لازمة وكلامها مش حقيقي وبيدلل على ده ... مثلا من خلال الرأي المعروف بتاع أنه لا يستطيع مراجعة عدد الأحاديث التي ادعى أنه راجعها لأنه كان هيحتاج أعمار على عمره عشان يراجعها

الخميس، 24 نوفمبر 2016

حياة وموت

عندما تقرأ ملحمة جلجامش وملحمة إيزيس وأوزوريس وكتاب الموتى وأساطير اليونان والرومان القديمة وقصصهم وتصورهم لقصة خلق الإنسان/هبوط الإنسان تجدها محاولات متشابهة لفهم حقيقة الكون وحقيقة الإنسان تتشابه وتتقارب في بعض الأحيان مما ذكر في الديانات الإبراهيمية.
تناول العقل البشري مشكلاته الوجودية الكبرى: كيف جاء الإنسان؟ ما الحياة؟ وما الموت؟ ولماذا نموت؟ وما المصير بعد الموت؟ من خلقنا؟ هل هناك إله؟ هل يموت الإله؟ ولماذا؟ وخرج بأديان وأفكار وفلسفات وآداب وسلوكيات جميعها تعبر عن وتتأثر بهذه المعضلات. وأظن أن أكبر سؤال في هذا الشأن هو الموت لأن أحدًا لم يجيء من هناك ليشرح لنا ماذا هناك
تقول صاحبة الحانة في ملحمة جلجامش:
إلي أين تسعي يا جلجامش
إن الحياة التي تبغي لن تجد
حينما خلقت الآلهة العظام البشر
قدرت الموت علي البشرية
استأثرت هي بالحياة
أما أنت يا جلجامش فليكن كرشك مملوءا علي الدوام
فكن فرحا مبتهجا مساء وأقم الأفراح في كل يوم من أيامك
وأرقص وألعب مساء نهار
وأجعل ثيابك نظيفة زاهية
وأغسل رأسك واستحم في الماء
ودلل الصغير الذي يمسك بيدك
وأفرح الزوجة التي بين أحضانك
وهذا هو نصيب البشرية

الاثنين، 30 مايو 2016

إحساس الفقد.. و«بشاعة» الاغتراب



بقلم: أ/ شريف صالح

بشاعة
محمد سرحان
شعر
دار أوراق
صدر عن دار أوراق بالقاهرة، ديوان "بشاعة" للشاعر الشاب محمـد سرحان وهو الديوان الأول له.
يحتوي الديوان على أكثر من عشرين قصيدة أو نص شعري، حسب جاء التعريف الفرعي للكتاب بأنه نصوص شعرية. بما هربا مما توحي به القصيدة من قيود واحكام في البناء. ولا يبدو سرحان في تجربته الأولى مولعا بأي قالب موسيقي.. فهو آتٍ من منجز قصيدة النثر.. قصيدة التفاصيل العادية.. والكلام الذي لا يقال عادة.. الرهافة.. والتمرد.. والغضب.
وكديوان أول لا يخلو من أخطاء لغوية بسيطة.. كما يتسم الى حد كبير بطغيان حالة شعورية واحدة تجعله أقرب الى قصيدة واحدة ممتدة في حوالي 76 صفحة. من الصعب القول ان تقسيم النصوص وتعدد عناوينها أضفي عليها شيئا من التنوع والاستقلالية.
هذه الحالة الشعورية مؤسسة ابتداء على عنوان الكتاب بشاعة وهو أيضا عنوان نص داخلي نقرأ منه:
أدرج على عتبات البشاعة الآن بأناة
ليس ذنبي أن تكون الخطوة نحو النور عصية
ليس ذنبي أن أتحمل عبء هذا العبث منفردا
سخطي الآن في تمامه
فليتأهب العالم لجحيمي الخاص
كما هو واضح نحن أمام صوت شعري غاضب.. بائس ويائس.. صوت متوحد مع ذاته.. مغترب تماما في علاقته مع العالم.. يعاني احساسا رهيبا بالفقد.. والرعب من الموت. ويعيدنا عنوان المجموعة الشعرية، كما يعيدنا هذا المقطع، الى النص الموازي الذي قدم به سرحان كتابه:
قيل للدفلى لمَ أنت مُرة؟
قالت: بسبب موت شقيقي (مثل كردي)
لو كنت الها لوزعت الخلود بلا حساب،
دون أن أسمح، ولو لمرة واحدة،
لجسد جميل أو لروح شجاعة أن تموت (كازانتزاكيس)
هذا الاستهلال يجعل النصوص كلها كابوسية.. وكأنها سؤال حول الموت والفقد.. ربما تأثر سرحان بتجربة فقد شقيقه محمود شابا.. ومن ثم جاء اهداء الديوان:
الى أخي محمود.. أحبك وسنلتقي
الى حبيبتي منار.. أحبك وأكثر
الى أمي.. أحبك وسننتصر
تكرار مفردة أحبك في الاهداء تمثل حلا وحيدا لما تنثره النصوص من عذابات ووحشة ووفقد وعدم يقين.. وعدم فهم.. فلا يملك الصوت الشعري قيمة أخرى يراهن عليها سوى الحب.. والتي تبدت في نصوص قليلة نسبيا.. تعطي أملا ما في الوجود.
وهو يخصص لذكرى أخيه قصيدة سويا وأيضا نص أخي ونقرأ منه:
في الحياة الأخرى 
سنتبادل الأدوار 
سنقاتل سويا 
- كما في الحياة الأولى 
سأسقط أنا صريعا 
عند أول لائحة انتصار 
فيما ستحمل أنت راية الانتصار 
انتصارٌ ليس كانتصاري:
زائلٌ ومهدد
انما انتصار سرمدي وساحق
تتكئ النصوص على ثقافة بالموروث الديني والأساطير والخمريات، وتتناص مع كل ذلك. ففي أول نص بعنوان سكر نقرأ:
تسكرون على عتبات العالم
وتتوبون عند بابي
أنا الظمآن لخمركم.
هيمنة أحاسيس السأم والحزن والكآبة تأخذنا الى أسئلة فلسفية عن جدوى الوجود وأسئلة الماهية والمصير.. وتتأرجح بنا ما بين مكتسبات حياة عصرية مرفهة واستهلاكية لا معنى لها.. السينما والهاتف.. والطعام والملابس الفاخرة.. وبين أساطيرنا الأولى كما في نصه مونولوج برومثيوس:
من باب الاحتياط
والآن فقط،
أحبك يا زيوس
وفي الحلق منك غصة أيما غصة!
مع تلك الروح الغاضبة المتذمرة المتوحدة، ثمة توق الى الحب.. الى الخلاص.. الى النور.. الى البوح والتواصل مع الآخر:
أقول لنفسي:
لا تتردد في البوح
ذلُ اعترافٍ عذبْ
خيرٌ مِن كِتمان
يَعصِفُ بالروح
ومن أهم الملاحظات على بنية النصوص هو تفاوتها في الطول، وميل بعضها الى الحس السردي. ويمكننا أن نقول باطمئنان أن محمد سرحان أراد كتابة نصوص تشبه ذاته ولا تقلد أحدا.. وبالفعل جاءت نصوصه كمونولوج طويل ل الأنا بكل أحزانها وتقلباتها وأشواقها أيضا. وكأنه أقرب الى مقاومة البشاعة والتحرر من الثقل والسأم عبر كتابته.
المصدر: جريدة النهار الكويتية. رابط المقال الأصلي اضغط هنا